كتب : فرشوطي محمد لحظة وعي في بيت عراقي كنا نجلس على الأرض في أحد بيوت بغداد، في منتصف الثمانينيات، نتابع على شاشة التلفاز خطابًا ناريًا للرئيس العراقي صدام حسين. بنبرة المنتصر، يومها أعلن صدام أن العراق بات يمتلك أسلحة قادرة على تدمير إسرائيل. لحظتها التفتُّ إلى صديقي العراقي وقلت له بهدوء: "لقد انتهى صدام." نظر إليّ بدهشة، فتابعت: "إسرائيل لا تنسى ولا تغفر لمن يهددها وجوديًا . سيجعلونه يدفع الثمن، إن لم يكن اليوم فغدًا. هم لا يواجهون مباشرة… إنهم يزرعون ويخططون لسنوات." كانت تلك اللحظة أشبه ببذرة وعي نمت داخلي مع مرور السنين، وأدركت لاحقًا أن كل من هدد إسرائيل علنًا، وجد نفسه داخل دائرة التصفيات، سياسيًا أو عسكريًا. صدام، القذافي، وحتى الأسد، لم تكن المسألة في خطاباتهم، بل في رمزيتهم كتهديد "غير قابل للتطويع". إيران بعد “طوفان الأقصى”: تصعيد بلا سقف الهجوم الأخير على العمق الإيراني – والذي تميز بدقة استخباراتية وتنسيق صامت مع واشنطن – ليس مجرد رد على دعم طهران لحركات المقاومة الفلسطينية، بل يأتي في سياق استراتيجية أوسع، بدأت قبل سنوات، وبلغت ذروتها ب...
كنت تائهًا في الصحراء، أسير بلا اتجاه، كأن الرمال تمتد بلا نهاية، والأفق يبتلع قدميّ مع كل خطوة. الليل قد حل، والقمر يضيء السماء بنوره الفضي، يلقي ظلاله على كثبان الرمال كأنه يراقبني بصمت. شعرت بالإرهاق، فبحثت عن مأوى حتى وجدت شجرة وحيدة تقف كحارس قديم وسط العدم. جلست تحتها محاولًا استعادة أنفاسي، وفجأة، رأيتها. امرأة تجلس هناك، وكأنها جزء من المشهد، عيناها تعكس ضوء القمر، وملامحها هادئة كأنها لم تتوه قط. شعرت أنني لم أصل إلى الشجرة صدفة… كان لا بد أن ألتقي بها، وكان لا بد أن يدور هذا الحوار الرجل : هل أنتِ حقيقية أم أنني أهذي من العطش؟ المرأة : أنا حقيقية بقدر ما تريدني أن أكون. لكن السؤال الأهم… هل تعرف من أنت؟ الرجل : كنت أعتقد أنني أعرف، لكن الصحراء تسلب منك كل يقين… تجعل كل شيء يبدو بلا معنى . المرأة : ربما لأن المعاني التي كنت تحملها لم تكن حقيقية منذ البداية، بل مجرد أوهام صُنعت لك، فصدّقتها دون أن تسأل . الرجل : ولهذا أريد أن أمسح كل شيء… أن أبدأ من جديد. كل ما نعرفه—اللغة، القوانين، الأديان، حتى طريقة تفكيرنا—كلها صُنع بشري، لكنها تُفرض عل...