فرشوطى فوق جمارة
|
جلست رجلاً على رجل، وفي فمى «لَيْ» الشيشة أستنشق الدخان .. وادخن انا الاخر واتابع الدوائر من حولى احيانا ترتجف - واحيانا ترقص وتدور ثم تولى هاربة بعيدا .
الحمار نائما على مقربة منى . وعلى يمينى زعبوله الغبيط - وعلى يساري زقلط اندراوس.
إنتشر جو ضبابى حولنا بعدما سحبت نفسا عميقا - واحتفظت به قليلا ثم اخرجته من فتحتى أنفى كعادم يخرج من شكمان عربية. .
قال الاخ زقلط بدهشة: الحمار نائم !!
قلت : دعه نائم افضل.
غير زعبوله دفّة الحديث قائلا : سمعت ياعم فرشوطى عن الشيخ اللى بيقول ان الليبرالى ممكن يتزوج اخته !! وينكح امه كمان !!
رد عليه زقلط أفندى: ليه هى زريبة مواشي يازعبوله؟
قال زعبوله : يا ريت كدا وبس داكمان بيقول طالما الأمر يحصل بالتراضي مافيش مشكله - وبيقول ان مفهوم الليبرالية لا يتعارض وهذه الفواحش والجرائم.
رد زقلط : طيب ما أنا راجل - حر - مسيحى - وعارف ان كل دا حرام- والحيوان راخر عارف الحلال من الحرام - هما ليه عايزين يخلوا الدين شماعهم يعلقوا عليها بلاويهم - ليه عايزين يسلبوا منا حريتنا التى وهبها الله لنا ؟ .
مرت فترة صمت ....سحبت نفسا عميق ... اشتعل حجر الشيشة ... تراقص اللهب - افاق الحمار - وعطس .
وقلت هامسا:الحالة اللى احنا فيها دى تشبه صناعة المعسل التى بدأت منذ قرون .
قال زعبولة الغبيط متسائلا: ازاى ياعم فرشوطى ياكبير - اشرح ونورنا.
قلت : كان فيه مركب محمل زلع عسل أسود وبجوار العسل شحنة كبيرة من أوراق التبغ، قوم أيه يازعبوله - الزلع انكسرت و اختلط العسل الاسود بالتبغ " قوم أيه " صاحب الشحنة قعد يعيط على خسارته ويقول -اه ياحوستى السودا يانا ياما-، "قوم إيه " قعد يفكر فى حل ينقذ به تجارته وبعضاً من الشحنة .
قال زعبوله مقاطعا: ياسنه سوخه يعنى الراجل خسر الجلد والسقط؟
قلت مبتسما : الراجل تاجر مش غبيط .
قال زعبوله:ازاى يعنى؟
قلت : المحاولة - والتفكير اساس النجاح - فى البداية حاول التاجر تدخين التبغ المختلط بالعسل فلم ينجح في اشعاله، ففكر بتجريب تدخينه عن طريق وضعه في حجر فخاري وفوقه وضع فحماً مشتعلاً.
قال زعبوله فرحا كأنه اكتشف قارة جديدة: ومن العسل الاسود المختلط بالتبغ بدأنا نحرق قلوبنا بهذا الدخان...
قلت :وزى ما احنا بنحرق قلوبنا بزلع العسل الاسود -بنحرق عقولنا وقلوبنا وبنضيع وقتنا فى جدال عامل زى زِلَع المش .
طيب ياعم فرشوطى .. ليبراررية دى يعنى أيه ؟
شوف يازعبوله ياغبيط - برغم انك مش عارف حتى تنطقها - والظاهر اللى ترجمها كان ناصح قوى زيك كده . كان ممكن نريح نفسنا ونقول بدل الليبراليه - الحرية - وانتهى الامر .
قال زعبولا - ايوه... ايوه ...فهمت دلوقتى - يبقى الشيخ كده على حق - نفشخها على البحري يعنى- نخليها سبهللة -- ايه باعم فرشوطى .. الناس دى عايزه تدمر الدين - لق وأيه زقلط أفندى يقولك أنا حر - انت سمعت اللى بيقول "انا حر اني اطير وارفرف كلي تحدي وشوق وحياة "يازقلط افندى؟.
رد زقلط افندى على زعبوله الغبيط بهدوء: ياعم زعبوله المشكلة فى رجال الدين وهيمنتهم على عقولنا وعلى قلوبنا بسم الدين -انا لا اري فى الليبرالية مايدعو الى كل هذا الخوف. ولا اري ايضا فى كل ما يحدث وما يقال ما يجعلنا نقلق - فربما تكون حاله صحيه لبداية ربيع عربي مثل ربيع النهضة الاوربية - (الرنيسانس )
سأل زعبوله :والرنيسانس دى حصل فيها أيه؟
رد زقلط افندى:*قبل القرن الرابع عشر اوروبا كانت عايشه فى تخلف مثل القرون الوسطى - ولم يكن هناك تعليم سوى التعليم الكنائسي - وكل ما كان يدرس افكار ساذجه وخرافه - وللخلاص قامت ثورات - فكريه-واجتماعيه - وسياسية - ودينية -لتحرر العقل من هذه العبودية...ومن خلال هذه الثورات التى ادركت ان سبب التخلف - هو الخضوع المطلق التام والمقدس للكنيسة وللبابا - تحولت هذه المجتمعات (بعد الثورة)الى مجتمعات حرة فى التفكير - حرة فى الاقتصاد - حرة فى الانتماء - وتحول عصر الاقطاع الى عصر الرأسمالية.
مرت فترة صمت بيننا - وكل منا مشغول بشيء ما - اخذت نفسا عميق بعدما غيرت الحجر -وبهدوء قلت : شوف يازعبوله - هل تؤمن بأن كل انسان حر فى أفكاره .
قال زعبوله : نعم
قلت : وهل تؤمن بأن لكل انسان دينه الذى يتبعه وتتسامح معه إذا أخطأ ؟
قال : زعبوله نعم.
قلت: وهل تعلم ان الله رب للناس جميعا
قال زعبولة - وملك الناس جميعا.
قلت : هل تريد ان تصبح محترم فى مجتمع يحترم كرامة الانسان ويضمن حقك فى الحياة ولا يفتش احدا عن مافى ضميرك؟
قال : زعبوله نعم .
قلت : هل تريد ان نصبح جميعا متساويين أمام القانون لا فرق بين الغفير والوزير ؟
قال : زعبوله ياريت .. هو فيه اجمل من كده عدل .
قلت :هكذا تكون الدولة الليبرالية التى تقف على الحياد أمام جميع أطياف الشعب ولا تتدخل فيها أو في الأنشطة الاقتصادية إلا في حالة الإخلال بمصالح الفرد.
قال زعبوله : يعنى على كده الليبرالية كل همها الانسان وحريته وكرامته.
قلت : نعم - انها استقلال الفرد .
قال زعبوله : طيب ما كل الاديان تطالب باستقلال الفرد - وكل انسان الزمه الله بطائر فى عنقه . وقال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " النَّاسُ سَوَاسِيَةٌ كَأَسْنَانِ الْمِشْطِ ، وَإِنَّمَا يَتَفَاضَلُونَ بِالْعَافِيَةِ , وَالْمَرْءُ كَثِيرٌ بِأَخِيهِ , وَلا خَيْرَ فِي صُحْبَةِ مَنْ لا يَرَى لَكَ مِنَ الْحَقِّ مِثْلَ مَا تَرَى لَهُ ".
قلت : ونحن اعلم بشئون دنيانا - بشرط ان تكون ليبراليتنا تتفق مع اخلاق وقيم المجتمع الذى نعيش فيه .
قاطعنى زقلط افندى وهو يقول - أضف الى ذلك انها مذهب سياسي واقتصادى رائع يدعو الانسان الى العمل وعدم التراخى والكسل فيما نقوم به من أعمال.
قال زعبوله : ولكن هناك ليبرالية - يهودية ومسيحية وعلى كل لون يابطسطه.
قلت - فلنترك كل ذلك - ونبنى لنا مذهب من صناعتنا - نطلق عليه الحرية العربية ... نتفق عليه جميعا لكى نعيد الفرد العربى من جديد وخاصة بعد قيام الثوارات العربية ...ولكى يتطهر العقل من اصنام العبودية.
----------
*-اصول التاريخ الاوربى الحديث.
--------
نشرت فى العديد من الجرائد العربية.
الآهرام
الجمهورية والعالم
جريدة شباب مصر
دنيا الوطن
الحمار نائما على مقربة منى . وعلى يمينى زعبوله الغبيط - وعلى يساري زقلط اندراوس.
إنتشر جو ضبابى حولنا بعدما سحبت نفسا عميقا - واحتفظت به قليلا ثم اخرجته من فتحتى أنفى كعادم يخرج من شكمان عربية. .
قال الاخ زقلط بدهشة: الحمار نائم !!
قلت : دعه نائم افضل.
غير زعبوله دفّة الحديث قائلا : سمعت ياعم فرشوطى عن الشيخ اللى بيقول ان الليبرالى ممكن يتزوج اخته !! وينكح امه كمان !!
رد عليه زقلط أفندى: ليه هى زريبة مواشي يازعبوله؟
قال زعبوله : يا ريت كدا وبس داكمان بيقول طالما الأمر يحصل بالتراضي مافيش مشكله - وبيقول ان مفهوم الليبرالية لا يتعارض وهذه الفواحش والجرائم.
رد زقلط : طيب ما أنا راجل - حر - مسيحى - وعارف ان كل دا حرام- والحيوان راخر عارف الحلال من الحرام - هما ليه عايزين يخلوا الدين شماعهم يعلقوا عليها بلاويهم - ليه عايزين يسلبوا منا حريتنا التى وهبها الله لنا ؟ .
مرت فترة صمت ....سحبت نفسا عميق ... اشتعل حجر الشيشة ... تراقص اللهب - افاق الحمار - وعطس .
وقلت هامسا:الحالة اللى احنا فيها دى تشبه صناعة المعسل التى بدأت منذ قرون .
قال زعبولة الغبيط متسائلا: ازاى ياعم فرشوطى ياكبير - اشرح ونورنا.
قلت : كان فيه مركب محمل زلع عسل أسود وبجوار العسل شحنة كبيرة من أوراق التبغ، قوم أيه يازعبوله - الزلع انكسرت و اختلط العسل الاسود بالتبغ " قوم أيه " صاحب الشحنة قعد يعيط على خسارته ويقول -اه ياحوستى السودا يانا ياما-، "قوم إيه " قعد يفكر فى حل ينقذ به تجارته وبعضاً من الشحنة .
قال زعبوله مقاطعا: ياسنه سوخه يعنى الراجل خسر الجلد والسقط؟
قلت مبتسما : الراجل تاجر مش غبيط .
قال زعبوله:ازاى يعنى؟
قلت : المحاولة - والتفكير اساس النجاح - فى البداية حاول التاجر تدخين التبغ المختلط بالعسل فلم ينجح في اشعاله، ففكر بتجريب تدخينه عن طريق وضعه في حجر فخاري وفوقه وضع فحماً مشتعلاً.
قال زعبوله فرحا كأنه اكتشف قارة جديدة: ومن العسل الاسود المختلط بالتبغ بدأنا نحرق قلوبنا بهذا الدخان...
قلت :وزى ما احنا بنحرق قلوبنا بزلع العسل الاسود -بنحرق عقولنا وقلوبنا وبنضيع وقتنا فى جدال عامل زى زِلَع المش .
طيب ياعم فرشوطى .. ليبراررية دى يعنى أيه ؟
شوف يازعبوله ياغبيط - برغم انك مش عارف حتى تنطقها - والظاهر اللى ترجمها كان ناصح قوى زيك كده . كان ممكن نريح نفسنا ونقول بدل الليبراليه - الحرية - وانتهى الامر .
قال زعبولا - ايوه... ايوه ...فهمت دلوقتى - يبقى الشيخ كده على حق - نفشخها على البحري يعنى- نخليها سبهللة -- ايه باعم فرشوطى .. الناس دى عايزه تدمر الدين - لق وأيه زقلط أفندى يقولك أنا حر - انت سمعت اللى بيقول "انا حر اني اطير وارفرف كلي تحدي وشوق وحياة "يازقلط افندى؟.
رد زقلط افندى على زعبوله الغبيط بهدوء: ياعم زعبوله المشكلة فى رجال الدين وهيمنتهم على عقولنا وعلى قلوبنا بسم الدين -انا لا اري فى الليبرالية مايدعو الى كل هذا الخوف. ولا اري ايضا فى كل ما يحدث وما يقال ما يجعلنا نقلق - فربما تكون حاله صحيه لبداية ربيع عربي مثل ربيع النهضة الاوربية - (الرنيسانس )
سأل زعبوله :والرنيسانس دى حصل فيها أيه؟
رد زقلط افندى:*قبل القرن الرابع عشر اوروبا كانت عايشه فى تخلف مثل القرون الوسطى - ولم يكن هناك تعليم سوى التعليم الكنائسي - وكل ما كان يدرس افكار ساذجه وخرافه - وللخلاص قامت ثورات - فكريه-واجتماعيه - وسياسية - ودينية -لتحرر العقل من هذه العبودية...ومن خلال هذه الثورات التى ادركت ان سبب التخلف - هو الخضوع المطلق التام والمقدس للكنيسة وللبابا - تحولت هذه المجتمعات (بعد الثورة)الى مجتمعات حرة فى التفكير - حرة فى الاقتصاد - حرة فى الانتماء - وتحول عصر الاقطاع الى عصر الرأسمالية.
مرت فترة صمت بيننا - وكل منا مشغول بشيء ما - اخذت نفسا عميق بعدما غيرت الحجر -وبهدوء قلت : شوف يازعبوله - هل تؤمن بأن كل انسان حر فى أفكاره .
قال زعبوله : نعم
قلت : وهل تؤمن بأن لكل انسان دينه الذى يتبعه وتتسامح معه إذا أخطأ ؟
قال : زعبوله نعم.
قلت: وهل تعلم ان الله رب للناس جميعا
قال زعبولة - وملك الناس جميعا.
قلت : هل تريد ان تصبح محترم فى مجتمع يحترم كرامة الانسان ويضمن حقك فى الحياة ولا يفتش احدا عن مافى ضميرك؟
قال : زعبوله نعم .
قلت : هل تريد ان نصبح جميعا متساويين أمام القانون لا فرق بين الغفير والوزير ؟
قال : زعبوله ياريت .. هو فيه اجمل من كده عدل .
قلت :هكذا تكون الدولة الليبرالية التى تقف على الحياد أمام جميع أطياف الشعب ولا تتدخل فيها أو في الأنشطة الاقتصادية إلا في حالة الإخلال بمصالح الفرد.
قال زعبوله : يعنى على كده الليبرالية كل همها الانسان وحريته وكرامته.
قلت : نعم - انها استقلال الفرد .
قال زعبوله : طيب ما كل الاديان تطالب باستقلال الفرد - وكل انسان الزمه الله بطائر فى عنقه . وقال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " النَّاسُ سَوَاسِيَةٌ كَأَسْنَانِ الْمِشْطِ ، وَإِنَّمَا يَتَفَاضَلُونَ بِالْعَافِيَةِ , وَالْمَرْءُ كَثِيرٌ بِأَخِيهِ , وَلا خَيْرَ فِي صُحْبَةِ مَنْ لا يَرَى لَكَ مِنَ الْحَقِّ مِثْلَ مَا تَرَى لَهُ ".
قلت : ونحن اعلم بشئون دنيانا - بشرط ان تكون ليبراليتنا تتفق مع اخلاق وقيم المجتمع الذى نعيش فيه .
قاطعنى زقلط افندى وهو يقول - أضف الى ذلك انها مذهب سياسي واقتصادى رائع يدعو الانسان الى العمل وعدم التراخى والكسل فيما نقوم به من أعمال.
قال زعبوله : ولكن هناك ليبرالية - يهودية ومسيحية وعلى كل لون يابطسطه.
قلت - فلنترك كل ذلك - ونبنى لنا مذهب من صناعتنا - نطلق عليه الحرية العربية ... نتفق عليه جميعا لكى نعيد الفرد العربى من جديد وخاصة بعد قيام الثوارات العربية ...ولكى يتطهر العقل من اصنام العبودية.
----------
*-اصول التاريخ الاوربى الحديث.
--------
نشرت فى العديد من الجرائد العربية.
الآهرام
الجمهورية والعالم
جريدة شباب مصر
دنيا الوطن
تعليقات
إرسال تعليق
فرشوطيات تشكركم على هذا التعليق الرائع -ونتمنى لكم اياما جميلة - ويسعدنا تكرار الزيارة ,