حوار فرشوطي محمد
في لقاء مثير وملهم مع الشاعرة والكاتبة إخلاص فرنسيس، نتعرف على رحلتها الأدبية ورؤيتها للأدب والثقافة. إخلاص هي عضو في اتحاد كتّاب لبنان ومؤسسة ورئيس تحرير مجلة "غرفة 19" المسجلة في الولايات المتحدة الأمريكية. بدأت رحلتها الأدبية بكتابة الخواطر والمشاعر، ومن ثم تطورت لتشمل الشعر والقصص القصيرة والرواية.
تعكس الأدب والثقافة جوانب هامة من الهويات الثقافية والاجتماعية لأي مجتمع. تعد اللغة والأدب والفنون وسيلة للتعبير عن التاريخ والتقاليد والقيم التي تميز شعوبنا، وتساهم في نقل هذا التراث الثقافي من جيل إلى آخر. وفي العالم العربي، حيث الثقافة والأدب تلعب دورًا بارزًا، يمكننا رؤية كيف يمكن للأدب والثقافة أن تكون محفزة لتحقيق التغيير والتميز.
في هذا الحوار الخاص لـ جريدة الجمهورية والعالم ، سنتعرف على إخلاص فرنسيس، كتّابة وشاعرة عربية متميزة، ونستكشف دورها في مشاركة كتب مشتركة مع زملاء كتّابها وكيف تسهم في الحفاظ على التراث الثقافي من خلال أعمالها الأدبية. سنناقش أيضًا وجهات نظرها حول حرية المرأة في العالم العربي وكيف يمكن للأدب والثقافة أن تكون وسيلة للتمكين والتحرر. يتوجب علينا التفكير في كيفية تسليط الضوء على القضايا الهامة من خلال الكتابة والإبداع الأدبي.
لنتعمق في هذا الحوار ونستكشف الأفكار والتجارب التي تقدمها إخلاص فرنسيس، وكيف يمكن للأدب والثقافة أن تلعب دورًا مهمًا في تعزيز الوعي وتحقيق التغيير في المجتمع.
سؤال ١: يُمكنك مشاركتنا قصة بدايتك في الأدب وكيف تطور اهتمامك بهذا المجال؟
إخلاص فرنسيس: بدأت بالكتابة كوسيلة للتعبير عن آلامي وذكرياتي عندما انتقلت إلى الولايات المتحدة، تركت ورائي وطني وثقافتي. توسع اهتمامي بالأدب مع القراءة في الأدب العربي والغربي، مما أثر إيجابيًا على أسلوبي ومدى فهمي للعالم من حولي.
سؤال ٢: كمؤسسة ورئيس تحرير مجلة "غرفة 19"، ممكن أن تشرحي لنا رؤيتك وأهداف المجلة؟
إخلاص فرنسيس: مجلة "غرفة 19" بدأت خلال أوقات الحجر الصحي خلال جائحة كوفيد-19. هدفنا كان تعزيز التواصل الثقافي والحوار بين الأجيال والثقافات المختلفة. نسعى إلى إتاحة المساحة للأقلام الشابة للتعبير عن أنفسهم ولتعزيز التواصل بين الأدباء الكبار والجيل الجديد.
سؤال ٣: لقد كتبت في العديد من الأنواع الأدبية، بما في ذلك القصة والرواية والشعر. هل تفضلين أحد هذه الأنواع على الأخرى؟ ولماذا؟
إخلاص فرنسيس: ليس لدي تفضيل واضح بين الأنواع الأدبية، فكل نوع له سحره الخاص. الشعر يمنحك تكثيفًا وجمالية في التعبير، القصة القصيرة تتيح لك تقديم فكرة ملهمة في مساحة صغيرة، أما الرواية تمنحك الساحة الواسعة لنسج قصة طويلة ومعقدة.
سؤال ٤ : يُمكنك مشاركتنا تجربتك في مشاركة مؤلفاتك مع الجمهور وكيف استقبلت أعمالك من قبل القراء والنقاد؟
قالت إخلاص فرنسيس ضاحكة: هذا سؤال يوجه للجمهور ! اما تجربتي في مشاركة مؤلفاتي مع الجمهور كانت مثيرة ومتنوعة. روايتي "رغبات مهشمة" تناولت قصة امرأة متزوجة وعلاقتها خارج نطاق الزواج، وهذا الموضوع أثار تفاعلًا كبيرًا. بعض القراء استنكروا هذا الموضوع واستغربوا تناوله في الرواية، بينما أثنى آخرون على جرأتي في التحدث عن هذه القضية التي تحدث في حياتنا اليومية. الرواية ناقشت موضوعات معقدة وأثارت نقاشًا مهمًا.
قمت أيضًا بدمج الشعر في الرواية، حيث كتبت بعض المقاطع بأسلوب شعري. هذا الجانب أثار ردود فعل متباينة من القراء. بعضهم استمتع بالجمالية في الشعر وتأثر به، بينما رفضه آخرون. أعتقد أن الشعر أضاف عمقًا إلى الرواية ومساهمة مهمة في التعبير.
بالنسبة لروايتي الأخرى "العشق المقدس"، التي تناولت فيها عشرون شخصية من الكتاب المقدس، واجهت تحفظًا من بعض القراء الذين اعتبروا تناولي للشخصيات الدينية تجاوزًا للقداسة. عملت على تقديم رؤية شخصية ومختلفة عن الكتاب المقدس التقليدي وذلك بتأطير الشخصيات بطريقة جديدة.
تلقيت رسائل كثيرة مشجعة ومحفزة من القراء والنقاد. على الرغم من ذلك، أدرك أن مواصلة التعلم والنمو في مجال الكتابة أمر مهم، وأن النقد الموضوعي يساهم في تطوير الكتاب وأعمالهم الأدبية.
سؤال ه : حدثينا عن بعض أعمالك الأدبية المعروفة مثل "ظل النعناع" و"رغبات مهمشة" و"وامضي في جنوني"؟ ما هي القصص والأفكار التي دفعتك لكتابتها؟
إخلاص فرنسيس: أعمالي الأدبية مثل "ظل النعناع" و"رغبات مهمشة" و"وامضي في جنوني" تعاملت مع موضوعات متنوعة تأتي من واقعنا وتجارب حياتنا. في مجموعة قصص "ظل النعناع"، تناولت قصصًا مستوحاة من الحياة اليومية وأحداث واقعية. تلك القصص تحكي عن مواضيع متنوعة مثل الفقد والموت والفراق، وتسلط الضوء على الصراعات والمعاناة التي يمر بها الإنسان في حياته.
أما في روايتي "رغبات مهمشة"، فتدور القصة حول امرأة متزوجة تعيش علاقة خارج نطاق الزواج. هذه الرواية تناقش موضوعات مثل العلاقات الزوجية، والحرية الشخصية، والبحث عن السعادة. تمثل هذه القصة نوعًا من الجرأة في التحدث عن قضية تواجه العديد من النساء.
أما ديوان الشعر "وامضي في جنوني"، فهو يتناول مواضيع متعددة تشمل الغربة، وفقدان الحريات، وقضايا المرأة والرجل في المجتمع. كما يتعامل الديوان مع مفهوم الحب في جميع جوانبه، سواء كان حب الشريك، أو حب الوطن، أو الصداقة، ويسعى للتعبير عن تلك المشاعر والمفاهيم بشكل شعري.
باختصار، أعمالي الأدبية تسعى لاستكشاف تجارب الإنسان ومشاعره في وجه التحديات والصراعات التي يواجهها في حياته.
سؤال ٦: كمشاركة في إصدار كتب مشتركة مع زملاء كتّاب، كيف يمكن أن تشرحي دورك في كتب مثل "ذاكرة الضوء" و "مرفأ الحكايات"؟
إخلاص فرنسيس: بالنسبة للكتب المشتركة، فهي ظاهرة جميلة. لقد شاركت في أكثر من كتاب في منتديات مع زملاء كتّاب، وكانت تجربة رائعة وفرصة للتلاقي الثقافي والتواصل مع الآخرين لفهم ثقافاتهم ومجتمعاتهم. إنها تجمع أهداف وأفكار متنوعة في كتاب واحد. بالنسبة لكتاب "ذاكرة الضوء"، فهو كتاب تم إصداره عن الدكتورة يمني العيد، الناقدة اللبنانية المشهورة. شاركت في هذا الكتاب أكثر من ٣٠ كاتبًا وكاتبة، نقاد، وشعراء من مختلف أنحاء العالم. تم تكريم الدكتورة يمني على هذا العمل. بالإضافة إلى ذلك، سأشارك في الملتقى الثقافي الدولي الأول في القاهرة من ٢٠ إلى ٢٢ أكتوبر الحالي، حيث سيتم تكريمي بجانب الروائي والباحث الجزائري "وسيم الأعرج "والأستاذ الدكتور مدحت الجيار، الناقد المصري الكبير، على مسيرتهم الثقافية المميزة وإسهاماتهم في المجال الأدبي.
سؤال ٧: هل لديك نصائح أو توجيهات للكتّاب الجدد الذين يرغبون في دخول عالم الأدب والكتابة؟
إخلاص فرنسيس: أنا بحاجة لأخذ نصائح من الآخرين أيضًا، وأعتقد أن الكتّاب الجدد يجب أن يكونوا مستعدين للتعلم والتثقيف أولاً. العمل ككاتب يتطلب الصبر والقراءة بشكل كبير، أكثر من ما تكتب. يجب أن تستمع وتتعلم من تجارب الكتّاب الآخرين، وتطوير نهج خاص بك تنفذه على طول مسارك. كنت أتمنى أن أسمع نصائح مماثلة في بداية مسيرتي الأدبية، ولقد تعلمت الكثير من التعليمات التي تلقيتها. لذا، إذا كنت ترغب في دخول عالم الكتابة، فعليك أن تكون على استعداد للاستماع والتعلم، وأن تضع نفسك في مسار للنمو والتطور.
سؤال ٨: كمكرمة جمعية الحفاظ على التراث المصري، ممكن أن تشاركي معنا كيف يمكن للأدب والثقافة أن تسهم في الحفاظ على التراث الثقافي؟
إخلاص فرنسيس: كونك مكرمة من جمعية الحفاظ على التراث المصري يشير إلى تفانيك في الحفاظ على التراث الثقافي. الأدب والثقافة لهما دور كبير في هذا السياق. الفلكلور والأدب الشعبي يمثلان جزءًا هامًا من التراث الثقافي، ولذلك يجب الاهتمام بالحفاظ عليهما وتوثيقهما. من خلال الأدب والثقافة، يمكننا نقل القصص والتقاليد التي تميز شعوبنا وثقافاتنا. يمكن للأدب والثقافة أن يلقوا الضوء على الجوانب المختلفة للموروث الثقافي والفلكلور ويساعدوا في إعادة إحيائهما للأجيال الجديدة. من خلال الأعمال الأدبية والفنية، يمكن للكتّاب والفنانين أن يساهموا في الحفاظ على هذا التراث وجعله متاحًا للعالم.
سؤال ٩: حدثينا عن حرية المرأة في العالم العربي.
إخلاص فرنسيس: موضوع حرية المرأة هو موضوع معقد ومحور للجدل في العالم العربي. هل المرأة مقيدة أكثر من الرجل؟ هل هناك قيود تفرض على المرأة العربية؟ في الماضي، كانت المرأة العربية تتمتع بمزيد من الحرية، ولكن مع مرور الوقت، بدأت المرأة تقبل قيودًا على حقوقها وأصبحت تقبل أن تكون أقل من الرجل في العديد من الجوانب. يجب على المرأة أن تدرك أنها ليست مجرد هيئة خارجية وجسد، بل هي كائن يمتلك قيمًا وأفكارًا وحقوقًا. على المرأة أن تفصل بين الجسد والفكر وتسعى إلى فرض فصل واضح بينهما. المرأة هي صانعة القرار في المجتمع، وعليها أن تفهم قيمتها ودورها. الرجل والمرأة يمتلكان حقوقًا وحرياتًا متساوية، ويجب أن يكون لكل شخص حريته وكرامته. النساء اللواتي يقبلن القمع والاستبداد ينقلن هذا القمع والاستبداد إلى الأجيال الجديدة. لذلك، يجب على المرأة العربية أن تراجع وتعيد النظر في القيم والأفكار التي تمتثل لها وتسعى لتحقيق التحرر والمساواة.
سؤال ١٠: وأخيرًا، هل لديك خطط أو مشاريع مستقبلية في مجال الأدب ترغبين في مشاركتها مع القراء؟
إخلاص فرنسيس: نعم، لدي خطط ومشاريع مستقبلية في مجال الأدب. حاليًا، أشارك في الملتقى الثقافي الدولي الأول في القاهرة، ولدي مجموعة شعرية ستصدر قريبًا، بالإضافة إلى مجموعة قصصية جاهزة للنشر. أنا ملتزمة بمشاركة أعمالي الأدبية مع القراء والمساهمة في إثراء المشهد الأدبي. أشكر القراء وجريدة الجمهورية وأتمنى أن تستمتعوا بأعمالي القادمة. تحياتي واحترامي للجميع.
تعليقات
إرسال تعليق
فرشوطيات تشكركم على هذا التعليق الرائع -ونتمنى لكم اياما جميلة - ويسعدنا تكرار الزيارة ,